04 فبراير 2025 | 05 شعبان 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. سليمان الرحيلي: منهج الاستدلال له أثر عظيم في صحة الأحكام الشرعية واستقامتها

25 مارس 2018

لا شك أن دين الله واضح بين، وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم منقول ومسطور ومحفوظ بأمر الله، إلا أنه بتغير الأزمان، واختلاط الثقافات، واستعلاء بعض الفرق والمذاهب، وظهور التيارات التي تشكك في المسلمات، واشتداد الفتن والمآسي، نجد أن بعضا من عوام الناس قد جهلوا كثيرًا من أمور دينهم وعقيدتهم، لذا كان من الواجب على أهل العلم أن يردوا الناس إلى الأصول المستمدة من نصوص الوحيين.
   حول ضوابط الاستدلال العقلي ومعاييره في ميزان الشرع تحدث فضيلة الدكتور سليمان الرحيلي، أستاذ الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية والمدرس بالمسجد النبوي، مستهلا حديثه بأن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق رحمة للعالمين، وجعله على صراط مستقيم، وأتم عليه وعلى أمته النعمة، وأكمل به الدين القويم، فما ترك نبينا خيرا إلا دل الأمة عليه، ولا رأى شرا إلا وحذر الأمة منه، وما مات إلا وقد بلغ الدين كله، ثم من بعد وفاته صلى الله عليه وسلم اضطلع الصحابة بأعباء الحكم والعلم، فنشروا العلم وملأوا الدنيا أمنا وعدلا، وخيرا وبركة، فدخل الناس في دين الله أفواجا، حتى من لم يكن مسلما كان يحب أن يكون في كنف دولة المسلمين، لما يراه من عدل وخير، واستمر الحال هكذا إلى أن ظهر في أواخر عهد الصحابة أقوام ظنوا أنهم أغير على دين الله من صحابة رسول الله، وأنهم أكثر فهما وعلما بدين الله، فازدروا الصحابة وأخروهم، فظهرت البدع المحدثات، وابتلي الناس بالشر المستطير، بعدما كان خير الأمة كله في السنة ولزومها.
ويضيف د. الرحيلي أن من المعلوم شرعا والمتقرر عقلا أن كل حكم لابد له من دليل، وأن كل دليل لابد وأن يكون ثابتا، ودلالته على الحكم صحيحة، وأن يكون سالما من معارضة مثله أو أقوى، وعلى ذلك فإن منهج الاستدلال له أثر عظيم في صحة الأحكام، أو في انحرافها وعدم صحتها.
   ولا شك أن لأهل السنة والجماعة على مر العصور منهج رشيد في الاستدلال، يوصل إلى صحة الأحكام واستقامتها، ولهذا المنهج في الاستدلال عموما -وفي الاعتقاد خصوصا- أصول عدة، أولها تعظيم النصوص والوقوف عندها، فأهل السنة والجماعة يستدلون بكتاب الله وصحيح السنة، والعبرة عندهم بصحة الحديث، وقولهم في هذا الشأن: "سمعنا وأطعنا".
 أما الأصل الثاني فهو الجمع بين النصوص، فلا تضارب عندهم بين النصوص الشرعية، بل يردون بعضها إلى بعض، ويجمعون بينها حتى لا يقع تعارض ولا تناقض بين الأدلة.
والأصل الثالث أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، ويؤمنون أن كليهما من عند الله عز وجل.
الأصل الرابع: عدم الاختلاف في كتاب الله، والرد إلى الكتاب والسنة عند التنازع.
الأصل الخامس: فهم النصوص بفهم السلف وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تلك أصول متينة مأخوذة من الأدلة الشرعية سار عليها أهل السنة والجماعة، فأبصروا الهدى وميزوا بين الخير والشر واستقاموا على دين الله عز وجل.
وأما عن الأمثلة على فهم السلف فكثيرة، منها تفسيرهم للآية {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] فقد فهمها السلف وفق ما دلت عليه الأدلة، وحسبما تقتضيه اللغة، أن معناها أن الله سبحانه علا واستقر على عرشه بما يليق بجلاله، أما من خالف أهل السنة والجماعة فقالوا أن لفظة "استوى" معناها: استولى، وهذا لا يصح عقلا ولا لغة، فإن الاستيلاء يعني أنه لم يكن مالكا له في الأصل، وهذا لا يليق بجلال الله، كما أن ذلك لا وجه له في اللغة، ولا يوجد دليل معتبر يؤيد هذا التأويل.
مثال آخر؛ أن السلف الصالح متفقون على أن مرتكب الكبيرة وإن كان عاص على خطر، إلا أنه مؤمن لا يخرج من الإيمان، وأنه يوم القيامة تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، غير أن هناك من نحى فهم السلف، وقال أن مرتكب الكبيرة كافر، وهناك أقوال أخرى بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المؤمن والكافر، وهؤلاء جميعا خالفوا سلف الأمة في فهم النصوص والأدلة، وخالفوا صريح الآية: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء48].

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت